السلوك الذاتى، أو بدون شريك، موضوع شائك ومحاط دائماً بسوء الفهم والموانع الأخلاقية والإجتماعية، الجميع بلا إستثناء يمارس العادة السرية أو الفانتازيا ، أو الخيالات ، والجميع أيضاً ينكرونها، ويعتبرون الحديث عنها \"قلة أدب\"، نمارسها فى الخفاء، ونكتم أنفاسها بالوسادة حتى لا يسمع لها صوت، وعندما يهاجمنا أحد هذه الخيالات نضطرب ونصف ونصم أنفسنا باللا أخلاقية، وبسبب كل هذه اللخبطة أصبحت المعلومات عن هذه النقطة فقيرة جداً أو شبه معدومة، وأصبح الجهل هو سيد الساحة.
كرد فعل لهذه المفاهيم ثار الكثير من الباحثين على إتهامات الدونية التى إتهموا بها كل ما يندرج تحت عنوان \"بدون شريك\"، وإعتبرها البعض الآخر نشاطاً طبيعياً جداً.
يكفى أن نقرأ بعض هذه الأسماء مثل \"جاد بيللى\" فى بحثه المنشور 1975 و\"دى مارتينو\" 1979، و\"فريداى\" 1980، و\"كونستانتين\" 1981، و\"بيتى دودسون\" 1974، والتى كانت أجرأهم حين قالت \"العادة السرية هى أساس حياتنا  وكل ما نفعله بعدها ببساطة ليس إلا محاولة لجعل مقبولاً إجتماعياً\"!!.
تعريف العادة السرية
تعريف العادة السرية ببساطة هو \"الإثارة للشخص بنفسه ومن أجل متعته\".
هذه المتعة تتم بوسائل كثيرة ووسائط متعددة مثل الحك أو التدليك أو العصر أو الإهتزاز، كل هذا للأعضاء التناسلية بالطبع، ولكن من الممكن أن تحدث الإثارة عن طريق مثل هذه الوسائل لأعضاء أخرى غير الأعضاء التناسلية مثل الثديين والجانب الداخلى للفخذ أو فى بعض الأحيان الشرج.
يستخدم علماء هذا المصطلح للإشارة إلى هذا الفعل بدون النظر إلى النتيجة، أى انه ليس بالضرورة أن تؤدى هذه الإثارة  إلى قذف حتى نطلق عليها لفظ العادة السرية، هذه نقطة هامة لابد أن نتفق على مفهومها قبل الخوض فى مناقشتها بالتفصيل.
هناك نقطة أخرى هامة هى أننا سنحاول التركيز فى عرضنا للعادة السرية كنشاط ذاتى فردى وليس مع شريك آخر، لأنه من الممكن فى العلاقة بين طرفين وأثناءها أن يحدث ما يشبه العادة السرية التى أحياناً تستخدم كعلاج، لكن هذا ليس هو ما نقصده فى هذه الحلقات.
العادة السرية من الممكن أن تبدأ منذ الطفولة، وتشمل الرجل والمرأة على السواء، وهى توجد أيضاً فى مراحل كثيرة من سلم المملكة الحيوانية، فقد لاحظ العالمان \"فورد وبيتش\" 1951 هذا السلوك فى أنواع كثيرة من الحيوانات مثل \"القردة العليا\" و\"النسانيس\" التى تفعل ما يشبه العادة السرية.
لاحظ العالمان أيضاً وجودها وممارستها بواسطة بعض الثدييات الأخرى، وفى بحثهما نقرأ:
\"ذكور الأفيال فى بعض الأحيان تداعب قضيبها شبه المنتصب بواسطة جذعها، وذكور الكلاب والقطط تلحس عادة عضوها لتحدث إنقباضات قوية فى منطقة الحوض مما يثبت التأثير لهذه المداعبات، وقد لاحظنا أيضاً هذه الممارسات فى الدولفين\".
وبالرغم من محاولة هذين العالمين \"فورد وبيتش\" إضفاء الطبيعية على هذه العادة إلا أنهما لاحظا أن معظم المجتمعات الإنسانية تدين هذا السلوك وتعتبره غير مرغوب فيه.
ولكى نفهم سر هذه الإدانة لابد أن نلقى نظرة على الماضى ونبحث فى صفحات التاريخ السرى للعادة السرية....... وهذا هو موضوع حلقتنا التالية بإذن الله.

احتار علماء اللغة فى أصل كلمة العادة السرية MASTURBATION وبحثوا فى جذرها اللغوى فوجدوه غير واضح وإنقسموا إلى فريقين، الفريق الأول أرجع الكلمة إلى الأصول الرومانية، والثانى أعاده إلى الأصل اللاتينىMANUS بمعنى يد وSTUPRO بمعنى ينجس، أى أنه الفعل الذى ينجس اليد، لكن معظم الدارسين الآن يرجعونها إلى الجذر اللغوى اليونانى MEZEA أى الأعضاء التناسلية، وهو ما يتفق مع المعنى الأصلى القديم للعادة السرية وهو إثارة الأعضاء التناسلية
برغم هذه الجذور اليونانية والرومانية للكلمة إلا أن كلاً من المجتمع اليونانى والرومانى لم يناقش هذه العادة بإستفاضة وأبدى حيالها الصمت إلا فى كتابات قليلة مثل ماقاله \"أبو قراط\" والذى يعتبر الجد الأول للطب، والذى كتب يحذر منها ويقول \"كثرة العادة السرية تستهلك النخاع\"، والعجيب أن هذا هو المفهوم الشعبى المصرى المستقر حتى الآن بالنسبة لهذه العادة!، وقد زاد عليها شعبنا بانها تتسبب فى خلخلة الركب!.
وبالرغم من أن الكتاب المقدس لم يدن صراحة العادة السرية أو يقل فيها قولاً فصلاً واضحاً، او نصاً ظاهراً حيالها، إلا أن اليهود والمسيحيين المحافظين يدينونها وينظرون إليها كإثم وذنب عظيمين، وقد حاولت هذه التيارات المحافظة الإستناد إلى قصة\" أونان\" فى سفر التكوين، والتى إعتبروها مرسوماً صادراً من الرب ضد العادة السرية، يقول النص:
\"فقال يهوذا لأونان إدخل على إمرأة أخيك وتزوج بها وأقم نسلاً لأخيك فعلم أونان أن النسل لايكون له. فكان إذا دخل على إمرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكيلا يعطى نسلاً لأخيه. فقبح فى عينى الرب مافعله. فأماته أيضاً\"

فسرت التيارات المحافظة هذا الفعل لأونان على أنه العادة السرية، ولكن الدراسين المحدثين يفسرونه على أنه كان بالفعل يجامعها ولكنه كان يقذف فى الخارج، وهذا فعل مختلف تماماً عن العادة السرية، وقد صارت هذه القصة فى حكم البديهيات لدرجة أن العادة السرية كانوا يطلقون عليها الأونانية ONANISM حتى أوائل القرن العشرين.
فى الإسلام أيضاً إختلفت الآراء، فالإستمناء أو جلد عميرة (الإسم الذى يطلق على العادة السرية) يراه البعض حراماً مطلقاً، ويراه البعض حراماً فى بعض الحالات وواجباً فى بعضها الآخر، والبعض الآخر ذهب إلى القول بمجرد كراهته، ولكا منهم قياساته وحججه.
أما الذين ذهبوا إلى تحريم الإستمناء فهم المالكية والشافعية والزيدية، وحجتهم فى التحريم أن الله سبحانه وتعالى أمر بحفظ الفروج فى كل الحالات إلا بالنسبة للزوجة وملك اليمين، فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين وإستمنى كان من العادين المتجاوزين ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم، وإعتمدوا فى ذلك التحريم على قول الله تعالى فى سورة المؤمنون:
\"والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن إبتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون\".
نأتى إلى الفريق الثانى الذى حرم فى بعض الحالات وأوجبها فى البعض الآخر، وهذا الفريق هو فريق الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الإستمناء إذا خيف الوقوع فى الزنا بدونه جرياً على قاعدة إرتكاب أخف الضررين.
أما الحنابلة فقد قالوا أنه حرام إلا إذا إستمنى خوفاً على نفسه من الزنا أو خوفاً على صحته ولم تكن له زوجة أو أمة ولم يقدر على الزواج فلا حرج عليه.
أما إبن حزم فيرى أن الإستمناء مكروه ولا إثم فيه، لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، وإذا كان مباحاً فليس هناك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المنى فليس ذلك حراماً أصلاً لأن القرآن لم يفصل لنا تحريمه.
كان ممن كرهه \"إبن عمر\" و\"عطاء\" وممن أباحه إبن عباس والحسن وبعض كبار التابعين، وقد قال الحسن \"كانوا يفعلونه فى المغازى\".
إذن فى الإسلام أيضاً الأمر مختلف عليه وليست فيه الكلمة اليقين بالنسبة للعادة السرية أو الإستمناء.
نأتى إلى الكنيسة الكاثوليكية الحديثة والتى ظلت متمسكة بالرأى القديم ففى إعلان الفاتيكان لأخلاقيات والذى صدر فى 29 ديسمبر 1975 أعلن أن \"العادة السرية إضطراب داخلى خطير وإثم عظيم\"، وقد نظر قادة الكنيسة إلى هذه العادة على أنها فعل غير طبيعى لأن هدف التكاثر أو غاية التناسل ليست متوافرة، ووصفوها على أنها إمتهان للنفس أو تدنيس للجسد وتلويث للروح.
ظلت الإتهامات والإدانات والتحريمات حتى القرن الثامن عشر تدور فى إطار الكتب المقدسة، وأوامر ونواهى رجال الدين حتى جاء الطبيب السويسرى \"تيسوت\" (1728-1797) وزخرفها علمياً ومنحها إطاراً طبياً مزيفاً مما زاد من سوء سمعتها أكثر وأكثر، فتحولت العادة السرية من مجرد إثم وذنب إلى علة ومرض!.
كتب الطبيب السويسرى أن كل الأنشطة خطيرة وضارة لأنها تدفع الدم إلى منطقة الرأس تاركة باقى أعضاء الجسم خالية منه، ويتسبب ذلك فى تحلل الأعصاب وباقى الأعضاء الحيوية، وبالتالى سيؤدى تحلل الأعصاب إلى الجنون!، وكان\" تيسوت\" يعتقد أن العادة السرية بالذات هى أخطر نشاط على الإطلاق لأنها تبدأ فى أكثر سنين العمر حيوية، ولأن الإحساس بالإثم والذنب المصاحب لها يضاعف من تدمير الجهاز العصبى.
أصبحت المصحات النفسية تراقب المرضى حتى لا يقعوا أسرى هذه العادة، وبمرور الوقت عبرت مفاهيم ومعتقدات هذا الطبيب السويسرى المحيط الأطلنطى وسرت آراؤه كالنار فى الهشيم، وإكتسبت العادة السرية نتيجة لذلك الإنتشار أبعاداً خطيرة، وصورة قبيحة، وصارت سبباً لكل مرض وبلاء، وإليكم عينة من الأمراض التى أعتقد الناس فى ذلك الوقت أنها من نتائج العادة السرية، فبالإضافة إلى الجنون إنضم إلى القافلة الصرع وحب الشباب والهزال وضعف التركيز وفى النهاية الموت المبكر!!.
وقع الآباء أسرى هستيريا القلق على أبنائهم، وصار همهم الأساسى هو الحفاظ عليهم من هذا الخطر الداهم، وصار أيضاً من واجبات الأطباء الأساسية أن يضعوا حداً لهذا الخطر، وتم الإستنزاف المنظم والهائل للطاقة والمال بغرض الشفاء من العادة السرية بداية من الأحزمة المحكمة والأقفال والأقفاص التى تحمى الأعضاء التناسلية من الأيدى العابثة، ووصولاً إلى التدخل الجراحى الذى يترك جزءاً صغيراً من العضو لا يسمح بالمداعبة!!.
دخل الأمريكان الحرب ضد العادة السرية بمنطق جديد وهو إذا كانت هذه العادة هى الطعام الذى يشتهيه الجميع فلو منعنا المشهيات التى تفتح النفس لإلتهام هذا الطعام أو ممارسة هذه العادة فسنكون قد نجحنا فى القضاء عليها، لذلك وضعت قائمة ممنوعات طويلة منها الكحوليات والمأكولات البحرية والملح والفلفل والجيلى والشيكولاته والخل والقهوة....وغيرها، وزادت طوابير المتهمين حتى كادت أن تشمل كافة الأطعمة التى شك فيها الأطباء بأنها تثير الأعصاب وتزيد من الرغبة .
بجانب منع الطعام أضيفت أسلحة أخرى للمواجهة، فقد حذر الأطباء من البنطلونات الضيقة والإحتكاك بأغطية السرير عند النوم، ومداعبة الأعضاء التناسلية عند التبول، ولمسها بالنسبة للأطفال عند الإستحمام بواسطة الأب أوالأم.
لكن ماذا لو فشلت كل هذه الإحتياطات فى منع ممارسة العادة السرية؟، الحل أيضاً موجود، ولكن بخطوات أكثر قسوة وعنفاً وميلودرامية، كان الحل الجاهز فى روشتات الأطباء وقتها أن يرتدى الطفل جاكتاً محبوكاً على كل جسده وقت النوم، ولفه فى ملاءة باردة حتى تبرد الرغبة وتثلج الشهوة، ثم تربط يداه فى أعمدة السرير!، وقد وافق مكتب براءات الإخترعات الأمريكى وقتها على عدة أشكال وتعديلات مختلفة لحزام العفة والذى كان منتشراً فى العصور الوسطى، وينصح الآباء بعمل مفاتيح لغلق هذا الحزام قبل نوم الطفل والحفاظ عليه فى مكان أمين.
فى مطلع القرن العشرين تطورت أدوات كبح ومنع جديدة تتناسب مع التطور التكنولوجى الذى أحدثته الثورة الصناعية، فتم إختراع القفاز المعدنى الذى يشل اليد عن محاولات \"الدعبسة\" الليلية الشيطانية، بالإضافة إلى وسيلة تحذير شبيهة بالجرس ترن فى حجرة الوالدين عند أى حركة أو محاولة الخروج على النظام والآداب العامة!.
لم يقنع العقل البشرى فى حربه ضد العادة السرية بمثل هذه الوسائل المؤقتة والحلول المرحلية، فهم لا يريدون رصاصاً أو قنابل زمنية ولكنهم يريدون النابالم والقنابل الذرية!!، ولذلك أجهد الأطباء أنفسهم حتى يستريح ضميرهم نهائياً ويخلدون إلى الراحة دون أن ينقض عليهم صوت فحيح النشوة الناتجة عن هذه العادة الشيطانية فى رأيهم!!.
ولذلك هداهم تفكيرهم إلى حلول ثورية وجذرية مثل:
· وضع ديدان العلقة على الأعضاء التناسلية لإمتصاص الدم وتخفيف الإحتقان الذى كانوا يعتقدون أنه السبب الرئيسى فى تأجج رغبتهم .
. الكى بتيار كهربى أو بمكواة ساخنة لكى تنصهر الأعصاب وتموت الرغبة.
أكثر الحلول جذرية كانت إخصاء الرجل وختان المرأة، وإنتشر هذا الحل فيما بين عامى 1850 و 1860، لدرجة أن الدوريات العلمية الأمريكية وقتها أكدت على أن أفضل الحلول والعلاجات للجنون هو الإخصاء!، ولم تخف حدة المعركة أو تنطفئ نيرانها المشتعلة إلا حينما بدأت الهدنة فى السنين الأولى من هذا القرن، خاصة فى المجتمع الأمريكى حين بدأ الأطباء هناك يفضون الإشتباك، ويهاجمون الإرتباط الشرطى فيما بين العادة السرية والجنون.
تمرد بعض الأطباء الشبان هناك وأعلنوا بشجاعة أن السيدات يمارسن العادة السرية للتخفيف من الهستيريا، والرجال يمارسونها بدلاً من إصطياد العاهرات أو الوقوع فى مستنقع الأمراض التناسلية مثل الزهرى والسيلان، ولكن لا تستعجل عزيزى القارئ فنحن لم نصل بعد إلى توقيع إتفاقية السلام بين العادة السرية والعقل البشرى، ولكى نتأكد من ذلك فلنقرأ تقريراً طبياً بتوقيع د.سكوت الذى كتبه 1930 يحذر فيه من الأنشطة التى تثير الشهوة وتؤدى إلى العادة السرية مثل التسلق وركوب الدراجات والجلوس على ماكينات الخياطة، وأكد فيه أن أقصر الطرق للعته والجنون والشيخوخة المبكرة هو طريق العادة السرية التى تؤدى أيضاً إلى الصداع والبلادة وإلتهاب الأعصاب وعدم وضوح الرؤية.
أظن أنها أخطر وثيقة إتهام، ولكن هل إستمر الطريق فى إتجاه واحد، وإدانة على طول الخط، أم أن العلم كان له رأى آخر؟؟؟؟؟؟.


المواقف المعاصرة من العادة السرية
سرد موقف العلم المعاصر من مسألة العادة السرية لا يعنى أننا نبغى أن نقول أن المواقف قد تغيرت من النقيض إلى النقيض، فالشك ما زال سارياً، والتوجس مازال مسيطراً، والناس ما زالوا يتهامسون بأن العادة السرية تجعل الشعر ينمو فى باطن اليد وتشوه الأعضاء التناسلية (مفهوم غربى)، وأن من يمارس العادة السرية ينكح يده، ومن ينكح يده كأنما نكح أمه ( مفهوم شرقى)، ووصل الأمر إلى حد أن العقم حملت وزره العادة السرية التى أصبحت شماعة الخطايا البشرية!!.
كانت بداية تغيير المواقف وتبديل المفاهيم، أبحاث وتقارير عالم النفس \"كينزى\" الشهيرة فى نهاية الأربعينات وأوائل الخمسينات والتى أدت بالتالى إلى تغيير ولو طفيف فى مواقف ومفاهيم رجل الشارع، وتوالت الأبحاث بعد ذلك وأثبتت وأكدت هذا الموقف الجديد تجاه العادة السرية، ففى تقرير ل\"مورتون هنت\" وجد أن واحداً من كل ستة رجال، وواحدة من كل ست نساء فى الفترة العمرية ما بين 18 و34 سنة يعتقد أو تعتقد أن العادة السرية خطأ، أما فوق ال 45 سنة فإن الثلث أدان هذه العادة.
فى تقرير آخر لـ \"كوتن\" 1974 سئل 230 طالباً فى سن الجامعة و205 طالبة فى نفس السن عن العادة السرية، فوجد أن معظم من كان لا يمارسها أحجم عنها نتيجة لنقص الرغبة، وكان من ضمن هؤلاء الذين لم يمارسوها 32% من الرجال و14% من النساء، يفكرون فيها كمضيعة للوقت والجهد وكفعل غير أخلاقى، بينما كانت نسبة ضئيلة منهم ترجع هذا الإمتناع إلى إحساس بالذنب أو إلى أسباب دينية.
وفى البحث الذى أجرى 1987 بواسطة \" أتوود وجاجتون\" وقد توصلا إلى أن 40% من الذين لم يمارسوا العادة السرية لم يفعلوا ذلك لأسباب أخلاقية.
من الطريف أن نقتبس فقرة تناسب ما نتحدث عنه من قصة للروائى \"فيليب روث\" يقول فيها على لسان إحدى شخصيات أعماله \"إنها نهاية سنة النضج فى المدرسة العليا وأيضاً فى عادتى السرية، حيث أننى إكتشفت فى أسفل قضيبى عند إتصال جذع القضيب برأسه بقعة متغيرة اللون، شخصوها على أنها نمش، إنها ليست كذلك بل هى سرطان، لقد سببت لنفسى السرطان، كل هذا الإحتكاك الذى احدثته بلحمى أصابنى بمرض لن يشفى، وأنا لم أصل بعد للرابعة عشرة، فى الليل وعلى سريرى إنهمرت دموعى، صرخت لا.. لا أريد أن أموت. أرجوكم لا.. ولكن بعد ذلك ولأنى سأصير جثة متعفنة بعد لحظات، فقد إرتعشت مختبئاً فى جوربى\".
هذا الرعب والفزع الذى إجتاح بطل هذه القصة أظنه إنقلب هذه الأيام إلى إطمئنان وقبول بان تلك العادة ليست بهذه الخطورة، بل هى شئ عادى، ولكن مازال هناك تحت السطح جزء مختفٍ من ذلك الجبل الثلجى الطافى، وهو بلا شك معظم تكوين ذلك الجبل، والجزء المختفى عبارة عن شكوك تعتمد على أربعة مفاهيم مازالت لها بعض السيطرة والتسلط على العقول وهى:
1- العادة السرية ذنب وإثم: يستند هذا المفهوم إلى أساس أخلاقى ودينى وهو بلا شك أساس قوى، له مهابة وقدسية، وقد وجد \"دى مارتينو\" 1979 ان نسبة من يمارسون العادة السرية بين المتدينين أقل منها بين غير المتدينين، أو الذين لا تربطهم بالدين علاقات وثيقة.
2- العادة السرية شئ غير طبيعى: وهو ما يرد عليه العلماء بسؤال آخر هو، ما هو مقياسكم للطبيعى؟، وإذا كنتم تتحدثون عن الطبيعى فالمملكة الحيوانية كما ذكرنا من قبل بها العديد من الحيوانات التى تمارس العادة السرية، ويردون أيضاً بالتقارير التى لا حصر لها والتى تثبت ممارسة الأطفال لهذه العادة.
3- العادة السرية من الممكن أن تكون جزءاً من مراحل النمو: ولكن البالغين الذين يظلون على ممارستها ليسوا ناضجين.. هذا ما تؤيده نظرية \"فرويد\" التى تؤكد على أن ممارسة البالغ للعادة السرية هى دليل واضح على عدم نضجه، وعرض من أعراض تأخره، لكن معظم الباحثين فى علم النفس المعاصر يعتقدون أن العادة السرية نمط شرعى جداً من أنماط النشاط .
وهذا الشد والجذب بين النظريتين فى إعتقادى ناتج عن مفاهيم مختلفة للتطور والنضج داخل مدارس علم النفس، فلا توجد دراسة علمية واحدة رصينة وواضحة تظهر أن من يمارس العادة السرية هو أقل نضجاً عن نظيره الذى لا يمارسها أو يستنكرها، لكن البعض يعتقد وهذه نقطة جديرة بالبحث والدراسة، أن صفة عدم النضج تطلق حينما تكون هذه الممارسة هى الوحيدة، أو حينما تمارس بشكل قهرى، أو تصبح نشوته مقصورة على هذا النمط من النشاط برغم وجود البديل السهل والمتاح والجاهز ...الخ، هنا تكون العادة السرية دليلاً على عدم النضج.
4- العادة السرية تميل إلى أن تصبح تعوداً وإدماناً: ومن الممكن أن تعطل أو تمنع نمو الوظائف الصحية، ويهاجم علماء النفس المعاصرون هذا المفهوم بشدة، ويعتبرونه ردة لمفاهيم ومعتقدات القرن التاسع عشر، بل على العكس يؤكد بعضهم وعلى رأسهم \"دى مارتينو\" أن نقص هذه الخبرة \"العادة السرية\" ستؤدى إلى مشاكل كثيرة مثل الضعف عند الرجل، والبرود عند المرأة، وأكثر من ذلك إستخدم بعض الباحثين هذه الخبرة وعلى رأسهم دكتورة \"كابلان\" فى برامجهم العلاجية
بالإضافة إلى الفوائد العلاجية السابقة أصبح واضحاً الآن أن العادة السرية من الممكن أن تكون لها فوائد أخرى فى نظر هؤلاء العلماء المعاصرين، فمثلاً هى تمثل \"مخرجاً متاحاً وممتعاً فى نفس الوقت فى حالة عدم وجود شريك حياة أو رفيقة درب وخاصة فى كبار السن\"، وأيضاً \"حلاً لمن يملكون طاقة أو رغبة جامحة فى وقت لا يستعد فيه الطرف الآخر لتلبية مثل هذا الجموح فى هذه اللحظة\"، وبما أننا فى عصر الإيدز اللعين فقد إعتبرت \"كابلان\" هذه العادة وسيلة من الوسائل الهامة جداً لممارسة آمن بدون إيدز.
وأخيراً فهى وسيلة للتخلص من التوتر مما يساعد الشخص على أن يستريح من البخار المكتوم!!.

كل فيما يعشق مذاهب !!
لا ينطبق هذا العنوان على سلوك قدر إنطباقه على العادة السرية، فمتى إكتشف الشخص -رجلاً كان أو إمرأة- صندوق النشوة السحرية وإمتلك مفتاحه فإنه يظل يبحث وبدأب شديد عن طرق وبدائل ووسائل مختلفة ومتباينة للإستفادة مما فى هذا الصندوق، فيصبح سندباداً لا يرسو على شاطئ محدد، وكلما تخيل المنتظرون على الشاطئ الآخر أنه سيحط رحاله عندهم، فرد الشراع إلى ناحية أخرى وإتجاه مختلف وتركهم فى إنتظار جودو!.
لاحظ عالما \"ماسترز وجونسون\" فى دراستهما المنشورة 1966 أنه لا توجد إمرأتان تمارسان العادة السرية بنفس الأسلوب والطريقة، أما الرجال عامة فكأنهم يملكون \"ورق كربون عام\" لأنهم عادة يتشابهون فى الطريقة والأسلوب.
ما سنعرض له الآن ليس حصة فى البرامج التعليمية لكيفية ممارسة العادة السرية، لأن الكل يمارس وبطريقته الخاصة وبدون الرجوع إلى مراجع أو كتالوجات أو دروس خصوصية، لكننا سنناقش كيف يمكن للعلم أن يقتحم أموراً حساسة وغامضة ويشرحها بمشرطه الموضوعى، ويضعها على مائدة البحث ليفض غلالة غموضها وتناقضها، إنها محاولة للرصد نعلم أن عواقبها وخيمة.
بالنسبة للمرأة فإن طريقتها فى العادة السرية والأكثر إنتشاراً هى مداعبة البظر أو منطقة العانة أو الشفرتين بالإحتكاك أو بالضغط أو بالإهتزاز... هذه هى أكثر الوسائل تكراراً كما ذكر \"ماسترز وجونسون\"، وكل هذه الطرق والوسائل تبغى فى النهاية شيئاً أساسياً وهو إثارة البظر، عضو الإحساس عند المرأة لأن إثارته المباشرة نادرة الحدوث فى العادة السرية نظراً لحساسيته الشديدة، ولأن الإثارة القوية التى تستخدم فى مكان معين منه فى كل وقت ستؤدى لتقليل المتعة والنشوة بالتدريج، لأن البظر وقتها سيصبح فاقداً لأحاسيسه وإستجاباته السابقة، وقد وجد الباحث \"كينزى\" فى أبحاثه المنشورة فى بداية الخمسينات أن نسبة 20% من السيدات يمارسن العادة السرية بإدخال الأصابع أو أشياء أخرى للإثارة، وفى بحث آخر لهيت 1977 ذكر أن نسبتهن لا تتعدى الـ1،5%، وقد ذكر كينزى أيضاً أن حوالى 11% من السيدات حين يمارسن العادة السرية يشركن الثدى فى هذه المهمة كمنطقة تجلب النشوة لهن.
تتوالى الأرقام الطريفة فقد وجد \"هيت\" أن نسبة 5.5% من العينة التى أجرى عليها البحث كانت تمارس العادة السرية وهى مستلقية على البطن، وبعضهن يفضلن ممارستها بالإحتكاك بأشياء مثل الوس


إرسال تعليق

 
Top